عبدالله المرهبي .... غربة يمني

نغادر أرض الأجداد فرحين بفرصةِ الحصول على تعليـــم أفضــل وحياة أكثر هدوء كما كنا نَظُن، ونحن في الحقيقة مُخطئين نبحث عن آمال مغمورة بين أكوام البعـد وأنين الفراق، قد ننتزعها ونظفر بها وقـد تلتهمنا وتمحي آثارنا من الوجود، فالحياة خارج أسوار الوطــن ماهي إلا حياة كئيبة امتزجت بلوعةِ الحنين وأنَّات البعد، فصارت أرواحنا تتخبط كمن أصابة الشيطان من المس.

الغـــربة أيها القارئ أن تحن الى حضن أمك وصوت أبيك وشقاوة الأطفال، فهي وجع يستوطن قلبك ويبعث في روحك الهم كل يوم وساعة، أكل بلا مذاق ونوم يصحبه عذاب.

 أن تغترب للعلم فهو جهاد ، لكــن أن تحرم من العودة لسنوات فهو عذاب، غربة كُتبت و ليس لنا منها أي مفر، وجُعلنا لمن خلفنا دروس وعبر، فهل لنا بوطـــن مستقِّـــر!، لكي يلملم شتات أرواحنا ويربت على أكتافنا، فقد أشتقت الى ذات حياة بسيطة حُفرت في جدار الذاكرة، فلا أكاد أتذوق حياة غيرها حتى لو صرت على هرم كل المغترين .

عزائي الوحيــد هو ذلك الإنسان السوداني بطيبةِ قلبه وحســن أخلاقه ورقيّ تعامله، نعـــم .. فهو ذاك الشخص الذي تتغير ملامح وجهه ما أن يعرف بأنك يمني الجنسية، فيبادلك الإبتسامات النابعة من أعماق قلبه و يهديك كلمات راائعة لن تُنسى قائلاً " حبابك في بلدك الثاني يا يمني " هو لا يعلم بأن كلماته تلك بَرد يُصب على نيران الشوق التي تكاد تحرق أضلعي وتمزق أوتار قلبي . 

 شكـــراً أيها السوداني الأصيل وشكــــراً لهذه الأرض التي ربتت على أكتافنا وآنست وحشتنا وأصبحنا فيها قوماً مكرمين.