:: الشيخ الحريزي يشيد بالمواقف النبيلة اليمنية والعربية تجاه الحملات المغرضة التي تستهدفه      :: الشيخ حمود سعيد المخلافي : المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية أسس ليكون سنداً للجيش الوطني في معركة استعادة الدولة      :: شرطة مديرية سيحوت تلقي القبض على شخص يتعاطي ويروج الممنوعات في أحد فنادق المدينة       :: مركز التطوير الأكاديمي بجامعة المهرة يقيم أمسية رمضانية في المعايير البرامجية.     

كتابات

محمد جميح ...جهاد الكافر أم مقاومة الغازي؟

       02/11/2017 22:47:15

محمد جميح


أحب أن ألخص المقال بعبارتين: الأولى: أنه «عندما تستغل القضايا العادلة مالياً وسياسياً، فإن ما يكسبه مستغلوها يضاف إلى فواتير خسائرها». والثانية: أننا «عندما نطلب «ثأر الإنسان» تحت راية «ثأر الله»، فإننا نمارس الخديعة التي تؤدي إلى خسارة المعركة التي تصورنا أنها معركة إلهية».

هاتان العبارتان ليستا خلاصة المقال وحسب، ولكنهما خلاصة عقود من استغلال القضايا العادلة، ومزج المقدس بغير المقدس، في منطقتنا العربية التي آلت إلى موجة من التطرف الديني، الناتج عن خلط المفاهيم وتداخل المصطلحات، حيث تبرز عناوين كثيرة مثل الإسلام والجهاد والوحدة وفلسطين والمقاومة وغيرها، أمثلة حقيقية على خسائر جسيمة تعرضت لها القضية مقابل أرباح عظيمة حصدها المستغلون.


تصوروا – على سبيل المثال- كيف تتحول الآيتان الكريمتان إلى دعايات مجانية لصالح صاحب كافتيريا كتب عليها «وسقاهم ربهم شراباً طهورا»، (الإنسان:21)، أو صاحب حافلة ركاب كتب عليها «اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها»، (هود: 41)»! قيسوا على ذلك أولئك الانتهازيين الذين فتحوا دكاكين سياسية، وعلقوا عليها آيات من القرآن من مثل «فإن حزب الله هم الغالبون»، (المائدة:56)، أو «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين» (التوبة:117). تصوروا كيف تتحول الآية إلى أصوات انتخابية عندما يرفع مرشح ما في الانتخابات صورته مكتوباً عليها «إن خير من استأجرت القوي الأمين»، (القصص:26)، أو يرفع آخر صورته في مهرجان سياسي مقرونة بالآية «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت»، (الأحزاب 33). تصوروا قدر الجرم الذي يرتكب عندما تتحول الآيات إلى رصيد انتخابي، وتجير إلى أوراق نقدية، وتخضع لعمليات أشبه ما تكون بالمضاربة في البورصات وأسواق الأسهم المالية والسياسي. تُرى كم خسر الإسلام من توظيفه لمكاسب مالية وسياسية؟ كم من أموال جُمعت باسم الله لتذهب لمستحقيها لكنها وجدت طريقها إلى أبراج سكنية وشركات تجارية وحسابات مصرفية لمن جمعوها؟ ألا يدخل أولئك المضاربون في بورصة الأديان ضمن من شملتهم الآية: «اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، إنهم ساء ما كانوا يعملون»(التوبة- 9).

ورغم عظم فائدة المزايدين بالآيات، إلا أن الآية ذكرت أن ما يتحصلون عليه «ثمناً قليلاً»، لأن الآية تربط نسبية الثمن المتحصل بـ»جسامة الخسارة الحاصلة» للدين ولآيات الله، جراء توظيفها سياسياً ومالياً، ولذا وصف العمل بأنه «ساء ما كانوا يعملون». ومع توسع القائمين على «البازارات الدينية» اليوم في استهلاك «الرموز الدينية»، واعتصار كل مرموزاتها التاريخية، يمكن لنا أن نوسع دائرة التساؤل، ليشمل عظم الخسائر التي تعرضت لها شخصيات تاريخية كالإمام علي ونجله الحسين لكثرة ما ارتكب باسميهما من جرائم مروعة في العراق وسوريا، عندما عمدت جهات طائفية بعينها إلى تحويلهما إلى مجرد «رافعتين» لمدفعية حزب الله اللبناني ضد السوريين في حمص ولهاونات الحشد الشعبي ضد العراقيين في الفلوجة، تماماً كما يُستنزف الخليفة عمر بن الخطاب عندما تشكل كتائب باسمه لممارسة أفعال مروعة هنا وهناك؟ والشيء ذاته يمكن أن يقال في تحويل اسم «الله والنبي» إلى ستار يغطي جرائم «داعش» و»القاعدة» في حق المدنيين في بلدان مختلفة. إن العرب اليوم لا يكتفون باستنزاف حاضرهم ومستقبلهم، ولكنهم يستنزفون- بشكل مدهش- إرثهم الحضاري ومضامين رموزهم التاريخية. إنهم يعمدون إلى الرموز المجردة ليعجنوها بغبار معاركهم اليومية، التي يحاولون أن يبنوا من غبارها بنيانهم الحديث.




التعليقات