:: هلال التماسك يتوج بطلاً لبطولة السلطان محمد آل عفرار بنسختها الثانية       :: الحوثيون يعلنون استهداف 86 سفينة إسرائيلية وأمريكية وبريطانية منذ نوفمبر      :: سلطنة عمان تدعو إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى فى قطاع غزة      :: ورشة بمأرب تناقش دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة     

ثقافة

أيوب طارش: العزف المنفرد على وتر الروح

       27/10/2019 23:29:00
يمان نيوز - مجلة المدينة
من الصعبِ الكتابة عن أيوب طارش فهو سيرةٌ شعبية، استعادها الناس كثيراً، وتداولوها بعنايةٍ واهتمامٍ؛ حتى لم يبقَ فيها ما يخفى. و أيوب ببساطتِه وتلقائيتِه ظلَّ كتاباً مفتوحاً لكل محبيه، وعُشّاق فنه، وهو من فنانين قلائل نجحوا في كسب محبة الجمهور، والحفاظ على تلك المحبة المتزايدة يوماً بيوم، وعاماً بعد عام.
 
 
 
 بدأ أيوب طارش تمرين صوته الجميل على أداء أغاني محمد عبد الوهاب، وتقليد روائع التراث الغنائي اليمني، ثم انصرف إلى البحث عن صوته الداخلي، وخصوصية شجنه؛ فكانت أغنيته: “رسالة حبيب” الذائعة بمطلعها:” بالله عليك وامسافر لو لقيت الحبيب/ بلّغ سلامي إليه/ وقل له كم با تغيب؟ ” من كلمات أخيه محمد طارش عبسي شهادة ميلاده مُغنياً وملحناً واضح الخصوصية.
 
 
 
 وعلى امتداد أربعين عاماً حرص أيوب طارش على أن يكون صوت اليمن الجمهوري، في مختلف الظروف والأحداث، متسامياً  بفنه فوق كل الاختلافات، والتحيّزات. ولسان حاله ما غنَّاه لكل يمني:” املأوا الدنيا ابتساما/ وارفعوا في الشمس هاما/ واجعلوا القوة والقدرة في الأذرع الصلبة خيراً وسلاما/ واحفظوا للعز فيكم ضوءه/ واجعلوا وحدتكم عرشاً له/ واحذروا أن تشهد الأيام في صفكم/تحت السماوات انقساما/ وارفعوا أنفسكم فوق الضحى/أبداً عن كل سوءٍ تتسامى”.
 
 
 
أيوب و الشاعر الفضول:
 
 عُرِف عبدالله عبد الوهاب نعمان ـ المُلقَّب بـ ” الفضول” ـ مُناضلاً وشاعراً وصحفياً و سياسياً، وعُرِف أيوب طارش قبل لقائه بالفضول مُغنياً شجي الصوت، حميم الأداء. وكان للقائه بالشاعر الفضول ذلك التحوّل المشهود في الأغنية اليمنية.
 
 
 
 وبهذا اللقاء كان إعلان مولد الأغنية التَعِزِّية؛ التي لم تكنْ قبل ذلك معروفةً بخصائصها اللغوية والموسيقية، وصار لها بفضل هذا التعاون الفني أن تظهر واضحة المعالم إلى جانب بقية ألوان الأغنية اليمنية المعروفة: الصنعانية و اللحجية والحضرمية و العدنية. وقد أنتج هذا الثنائي المبدع عدداً كبيراً من الأغاني الشهيرة، و لفت الأنظار لقالب غنائي خاص.
 
 
 
 وانتبه اليمنيون إلى أن “أيوب طارش” صار أكثر من” مُغَنِّي” وأكثر من صوت الشجا والحنين. فهو في طريقه لأنْ يكون ظاهرةً غنائيةً فارقة في تاريخ الأغنية اليمنية. ومِن يومها أصبح كلٌّ من الشاعر الفضول والمُغَنِّي أيوب طارش يُعرف بصاحبه، ويذكرُ في سياق الحديث عنه.
 
 
 
الفن رسالة:
 
 يَعرف الناسُ أيوب طارش شخصيةً شديدة التهذيب واللطف والنأي بالنفس عن الادّعاء، لم يسعَ للشهرة ولم تغرُّه الشهرة حين جاءت. و لم يستطعْ بريقُ الألقاب التي خُلعتْ عليه، والحفاوةُ التي يقابله بها الناس أنْ توقعه في شرك النرجسية.
 
 
 
 لا يتحدث أيوب طارش عن ذاته، ولا يرى في نفسه أيَّ تفوّقٍ أو امتياز؛ فهو يعزو نجاحه للمحاولة والتوفيق من الله يقول في إحدى المقابلات الصحفية:” أحمد الله أنْ رزقني محبة الناس، فكل فنان يجب أن يكون الابن والأخ والصديق، وأن يكون لسان أبناء جلدته والمعبّر عن أحوالهم، ومترجماً لما في نفوسهم من هموم وأشجان وأفراح وأحزان كل الناس”.
 
 
 
 يُحسُّ كلُّ مُستمعٍ لأيوب أنه يُغَنِّي له وعنه، ولذلك يرى فيه فنّانه الأول. ولاستغلال محبة الناس لأيوب أرادتْ بعض الأحزاب السياسية أن يكون مرشحها للمجلس النيابي؛ فكان له موقفٌ عبّر عنه بلا مواربة، قائلاً: ” أنا فنَّان لا أستطيع أن أقدَّم للشعب شيئاً في السياسة، ولا أريد أن أتحمَّل مسئولية لا أقدر عليها ولستُ لها”.
 
 
 
 رغم قسوة الظروف المعيشية التي عانى منها أيوب فقد ظلَّ زاهداً ، لم يسخِّر فنه للتكسب أو التقرَّب من أحد. و في هذا السياق يقول في إحدى مقابلاته الصحفية: ” الغناء رسالة قبل أنْ يكونَ صوتاً جميلاً وكلماتٍ يصلُ معناها إلى كلِ قلب مترجمةً لكل الأحاسيس والمعاني.”
 
 
 
وهذا الموقف انعكس على كلِّ ما أبدّعه لحناً وغناء، وعلى كل علاقاته الفنية والحياتية.
 
 
 
في مقام الغناء:
 
 أيوب طارش فنّانٌ متعددٌ متجدد، لحَّنَ وغنّى مئات الأغاني، ولأغانيه حضورٌ دائمٌ ومستمرٌ في التداول اليومي، فهي مقاماتُ شجنٍ خالدٍ في قلوب الناس و أذهانهم، تتجددُ على مرور الزمن وتزيد رسوخاً في الوجدان الجمعي للشعب اليمني. و من الصعب أن يُشار إلى جانبٍ من أغانيه دون آخر.
 
 
 
 و من قبيل المقاربة ربما جازتْ الإشارة إلى تلك الجوانب المتنوعة ببعض المسميات الغالبة عليها بحسب مضامينها, كأنْ نقول: الأغنية الوطنية، والعاطفية، والصوفية، وأغنية الغربة، وأغنية الأرض…الخ.
 
 
 
الأغنية الوطنية:
 
 بصوت أيوب طارش يصبحُ الفرقُ جلياً بين الأغنية السياسية والأغنية الوطنية في تاريخ الأغنية اليمنية؛ فهو لم يتبنَ أي ايدلوجيا، ولم يمارس أيَّ دعايةٍ لأي اتجاهٍ أو تيارٍ سياسي على امتداد عمره الفني ولم يقبل المساومةَ على حرية الفن.
 
 
 
 التزم أيوب موقفاً واضحاً من قضايا وطنه،




التعليقات