:: المهرة.. هطول أمطار غزيرة على مدينة الغيضة      :: المهرة.. هطول أمطار غزيرة على مدينة الغيضة      :: السلطان محمد آل عفرار يلتقي مديرة تنمية المرأة بالمحافظة ويقدم لها دعماً مالياً       :: عقب ايام من تفاخرهم بحرية التعبير ... مليشيا الانتقالي تلاحق كاتب وصحفي بسبب انتقاده لقيادات في المجلس     

كتابات

مجاهد السلالي ...كلمة في ذكرى الكرامة.."شهادة حية"

       2022-03-20 12:36:52
يمان نيوز  | مجاهد السلالي

لا شيء أرفع قدرًا من الكرامة، إنها القيمة المركزية لهذا المخلوق الذي يدعى "إنسان" هي ما يفصله عن بقية الكائنات ويمنح وجوده مكانة فارقة، الكرامة وما بدونها يفقد الإنسان إنسانيته. وفي تاريخ اليمن، يوم الكرامة معمد بالدم ويا لها من شهادة تثبت قداسة التضحيات ومستوى البطولة التي قدمها اليمني لتأكيد انسانيته. 

في مثل هذا اليوم الـ 18 - مارس - 2011م
استشهد شقيقي محمد وستة من أعز زملائي واصدقائي (علي الفلاحي - علوي الشاهري - عوض اليافعي - مجاهد القاضي - خالد الحزمي - عرفات الحمزة)

وجرح شقيقي الاصغر حسين وأكثر من 10 من اعز رفاقي واصدقائي منهم اخي الغالي سياف احمد الذي لم افترق عنه. 

كنت منذ الوهلة الاولى للثورة دائمًا برفقة "سياف" ما عدا جمعة الكرامة، التي كنا في بدايتها سوياً وافترقنا حين شاهده صديقي عوض القطيبي جريحاً محمول على الاكتاف فتوقفت للاطمئنان عليه لكني استطع اللحاق بهم فعدت لأجري نحو الجدار اما سياف فقد سبقني ولم استطيع اللحاق به لكني وبعد نصف ساعه شاهدتهم يحملوه وهو جريح ايضاً لم اتحمل الموقف فقد وجدت قبل ذلك اخي محمد حين وصلت عند الجدار مصاباً وحين حاولت اسعافه منعني وهو يصرخ بوجهي انا بخير سير اسعف حسين عنه اصيب قبلي فتركت الشباب ليسعفوا محمد وذهبت ابحث عن حسين واثناء بحثي عنه اصيب شخص امامي برصاصة قناص هرعت اليه فصدمت حين رأيت وجهه بأنه أخي وصديقي علوي الشاهري فحاولت إسعافه لكنه للأسف فارق الحياة مباشرة وهو بين يدي، تسمرت أشاهده وهو يموت ولم استطع النهوض من مكاني لعدة دقائق أما "علوي" فأخذه الشباب وأنا اشاهدهم ولم اتحرك وكأني أشاهد فيلم على شاشة التلفزيون لا مجزرة مروعة شاهدتها بأم عيني. 

لم تكن #جمعة_الكرامة مجرد حدث عابر بحياتي ولا مشهد حي لجريمة مروعة، بل كانت واقعة هزت كياني وأعادت صياغة نظرتي للحياة بشكل مختلف، وربما لا أبالغ لو قلت: إن الأثر النفسي لهذا الحدث ما يزال يعشعش بداخلي حتى اليوم. أقول هذا الكلام، لمن يطالبونا بنسيان الثورة وكأننا خرجنا للتنزه ولم يحدث كل ما حدث. وما تزال نفوسنا مليئة بالندوب حتى يومنا هذا. 

نصف ساعة في جمعة الكرامة كانت كالجحيم بالنسبة لي -وأجزم أنها كذلك لكثيرين وعشرات العائلات التي فقدت قريباً فيها والآلاف الذين تواجدوا يومها- ولم أتحمل ما عشته فيها فقط اكتفيت بالبكاء وأنا جالس وسط الشارع حيث أصيب علوي ومن ثم استجمعت نفسي وذهبت نحو الجدار لمواصلة ما بدأه اخي محمد وسياف وعلوي وحسين وعوض في هدم ذلك الجدار ولم اتذكر شقيقاي محمد وحسين وعلوي الشاهري وسياف إلا بعد تجاوزنا الجدار ومطاردتنا للقتلة التي انتهت بإمساكنا لبعضهم.

وفي الساعة 4 عصراً تقريباً اخذت نفسي واتجهت نحو المستشفى الميداني وفي طريق المستشفى وجدت امي تتلفت وهي تمشي بهلع اقتربت منها ومجرد أن رأتني أخذت تسألني: أين محمد أخوك فقلت لها لا تقلقي محمد بخير نعم فقد شاهدته وكان قوياً وبكامل وعيه واعتقدت حينها أن اصابته خفيفة ولم أعلم حينها أنها خطيرة. 

ومن ثم سألتها: من اين عرفتي ان محمد أصيب. فقالت: لاتكذب علي قد شاهدته بقناة الجزيرة وهم يعالجوه والرصاصة في صدره تفاجأت بكلامها ومن ثم اخذت بيدها وذهبنا نحو مسجد الجامعة الذي تم وضع الشهداء فيه ومجرد أن وصلنا اخذت اريها الشهيد تلو الاخر لكي اطمئنها ان محمد ليس بينهم واثناء ماكنت أريها الشهداء تفاجأت بأخي وزميلي بدار القران علي الفلاحي شهيداً وبجانبه خالد الحزمي رفيق الثورة منذ الوهلة الاولى وهنالك في الوسط عوض القطيبي (اليافعي) الشاب المفعم بالحيوية والنشاط الذي ترك جنسيته الامريكية وراءه لكي يشارك معنا في ثورة فبراير فكان أحد شهداءها وعلى مقربةٍ منه عرفات الحمزة الشاب النبيل ابن محافظتي ورفيق النضال ينام شهيداً وهو مبتسم.
لم اتحمل المشهد فانهارت قواي واخذت ابكي وسط المسجد ونسيت ان امي بجانبي، التي نسيت هلعها على محمد واخذت تطبطب علي وتواسيني وتبكي معي، بكيت لحرقه ليس حزناً على اخي واصدقائي الذين استشهدوا بقدر ماكان تحسراً وقهرا على نفسي ان الله لم يصطفيني معهم، ولم أفق من صدمتي إلا بعد ساعات حينها سألتهم عن شقيقي محمد فاخبروني أنه مفقود.

وفي صباح اليوم التالي ذهب أخي عادل برفقة امي التي لم تغمض لها عين تلك الليلة فبحثوا في كشف اسماء الشهداء وفي ثلاجة الموتى بمستشفى العلوم فلم يجدوا له اثر ومن ثم ذهبوا وبحثوا في جميع المستشفيات ولم يجدوه وفي نفس اليوم اتصل بي الوالد قبل الظهر  ليخبرني انه علم من احد اصدقائه ان هناك جرحى معتقلين فاستخدم كلٌ منا علاقاته وبحثنا في كل الاقسام والمستشفيات العسكرية والاستخبارات والأمن القومي فلم نجد له أثر وكان الارض انشقت وبلعته.
يومان ونحن في حالة هلع واستنفار نبحث عن محمد في كل مكان د