محليات
عربي ودولي
ثقافة
النشرة الاقتصادية
أخبار وتقارير
صحة وتعليم
كتابات
مكتبة الفيديو
منوعات
من نحن
رياضة
رحلة ممتعة في عالمه الشعري المتفرد الشاعر أحمد آل مجثل الغامدي الذي تفتحت قريحته بين الخمائل وأنصت لبكاء الياسمينة
15/03/2016 23:03:15
      

يمان نيوز - محمد مصطفى العمراني
عندما بدأت أكتب عن العالم الشعري للأستاذ أحمد آل مجثل الغامدي أحسست أن الكلمات بدأت تخضر وان اللغة تنبت لها أجنحة وتحلق في سماء مليئة بالغيم والمزن والمطر وبكل ما تحمل هذه المفردات الطبيعية من شجن ذلك أن عالمه الشعري الثري فيه من السمو الروحي الشفاف ما يجعل لقصائده صدى مؤثر في الروح وشجن عميق في وجدان المتذوق يجعله يشعر بمدى رقي إحساسه وفيض عاطفته ..
تشكل قصائد الشاعر السعودي أحمد الغامدي عالم متفرد بذاته فهي لا تتقيد غالبا بقيود النظم المعروف لأي شاعر عادي يضع كل همه في الوزن والنظم والقوافي والموسيقى الشعرية الكلاسيكية بحيث يرضي القارئ العادي إلى عفوية البوح الصادق الذي يدندن شدوه ويطرب حداؤه على ربابة الإحساس الخلاق ورغم أن للشاعر الغامدي قصائد موزونة ملتزم فيها بشروط الشعر الكلاسيكي فهو الدارس منذ ريعان شبابه للقوافي والعروض والوزن الشعري لكن كثير من المقطوعات الشعرية في عالمه تهطل كحوريات جميلات من عالم سماوي فيستقبلها بكل حفاوة ويدعها تنام في خدر ولا يوقظها بوزن ولا يقيدها بقيود القافية والموسيقى الكلاسيكية إذ أن لها موسيقى من نوع آخر موسيقى روحية عذبة يقول في إحداها : 
في لُجَّةِ العُمْرِ ..
أفْتَرِشُ البَقايَا ..
مِنْ بَيَاضِ الرُّوحِ ..
وخَاتِمَةِ المُحَال ..
في لَهْفَةِ الوقْتِ ..
أسْتَبِقُ الخَطَايَا ..
مِنْ شَغَافِ القَلْبِ ..
وعَاقِبَةِ السُّؤال ..
في غَمْرَةِ الشَّوْقِ ..
ألْتَحِفُ المَنايا ..
مِنْ شِفَاهِ المُزْنِ ..
ودَانِيَةِ الظِّلال ..
إيـهِ 
مِنْ وَجَعِ النِّصَال ..
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود وما يقارب الأربعة ظل الشعر نهرا متدفقا في وجدان الشاعر الغامدي رغم أنه عمل في مجال الإعلام وتنقل بين عدة صحف سعودية معروفة وتفرد بسبق صحفي مرات عديدة وسجل في رصيده انفرادات كثيرة ولقاءات مع مشاهير مع عموم العالم العربي إلا الإعلام والصحافة لم يتمكنا من سرقته من عالمه الشعري الخاص به فبقي الشاعر حيا في فؤاده وروحه ووجدانه وفي شعر الأستاذ أحمد آل مجثل الغامدي حنين جارف وتوق انساني إلى زمن النقاء الفطري والصفا الذي كان في الطفولة وفي أيام الشباب بكل ما فيها من ذكريات ومشاعر وفي شعره اعتراف بأن الروح قد علق بها من الغبار والشوائب ما علق وقيدتها قيود كثيرة حدت من حريتها وانطلاقتها وجعلتها تعيش غربة روحية تكاد تخنق الإنسان الشاعر يقول في مقطوعة شجية ..
لا لَمْ نَعُدْ ..
كَالغَيْمِ ..
نَسْكُبُ ..
قِنِّينَةَ العِطْرِ المُذَاب ..
لا لَمْ نَعُدْ ..
كَالطَّيْرِ ..
نُنْشِدُ ..
تَرْتِيلَةَ الصُّبْحِ الرَّبَاب ..
لا لَمْ نَعُدْ ..
كالحَقْلِ ..
نَبْسُطُ ..
كَفَّ المَرَايا العِذَاب ..
لا لَمْ نَعُدْ ..
• حنين إلى زمن النقاء والطبيعة البكر 
ومثلما يحن الشاعر أحمد آل مجثل الغامدي إلى زمن النقاء والصفا والبراءة والطفولة تتعدد مفردات الطبيعة في شعره بصورة ملفتة مكانا وزمانا وظواهر طبيعية مثل " الغيم ، المزن ، المطر ، الحقل ، الصبح ، النخل ، المساء ، الرمل ، الصحاري ، العتمة ، القمر " ولا نستغرب وهو الشاعر الذي ولد بين الـ "خمائل " وهو عنوان ديونه الأول وأستمع لـ بكاء الياسمينة " ديوانه الثاني أن تجرفه سيول الحنين إلى عالم الطبيعة البكر تلك الأم الحانية في زمن غرق الإنسان في مشاغل لا تحصى ومشاكل لا تعد وغمرته غربة الروح في هذه المدن " غابة الإسمنت " التي تسرق العمر يحن الشاعر الغامدي إلى الحياة في أحضان الطبيعة البكر بكل ما فيها من هدوء وسكينة وروح شاعرية ويظهر شوقه إليها في قصائد كثيرة حيث يقول : 
أحن إليها ..
ولي بين الحقول ..
سنابل وغرام ..
متى جئتها نايا ..
تلبسني غمام ..
تهيم بها الروح ..
عشقا ومسكنا ..
فأغدو بينها طفلا ..
تداعبه يمام ..
أحن إليها ..
فيسكب عطرها لغتي ..
ويمضي
صوب فاتنتي الكلام..
• ..وللقصائد الوطنية نصيب وافر 
ولا تقتصر قصائد الشاعر أحمد آل مجثل الغامدي على التوق إلى زمن الصفاء والشوق إلى الطبيعة البكر بل تتجاوزها إلى مجالات مختلفة وأغراض شعرية عديدة فالشعر ليس بوح النفس بأشجانها وأشواقها فحسب بل هناك وطن باتساع المملكة العربية السعودية يسكن الشاعر فها هو في قصيدة " رعاك الله يا وطني " يتغنى بحب وطنه ويشدو بحبة في أصقاع الكون ويعدد مفاخره ومآثره ويترنم بحب حبيب الشعب جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية حفظه الله ذخرا لمهبط الوحيين وبلاد الحرمين ومفخرة للعرب والمسلمين يقول الشاعر الغامدي : 
(1)
أزُفُّ الرُّوحَ يا وطَنِي
أزُفُّ المجْدَ والتَّاريخ
وهَذا القَلْبَ في شَجَنٍ
حَماكَ الله يَا وطَنِي
وبيْنَ الرُّوح في ذَاتِي
وفي الظَّلمَاءِ مِشْكَاتِي
رعَاكَ الله يا وطَنِي
حَمَاكَ الله يا وطَنِي
(2)
وأشْدُو في بقَاع الكَون
رَعَاكَ الله يَا وطَنِي
بلادِي في مَغَانِينَا
بلادُ النُّور والقَلَمِ
بلادُ العِزُّ والكَرمِ
وفيهَا مَهْبطُ القُرآن
وفيهَا رَايَةُ التَّوحِيد
بلادُ السَّعْدِ مِنْ قِدَمِ
ومَازَالَتْ سَحَابَاتِي
تَصُبُّ الغَيْثَ في ذَاتِي
رعَاك الله يَا وطَنِي
حَمَاكَ الله يَا وطَنِي
(3)
وأشْدُو في بقَاع الكَون
رعَاكَ الله يَا وطَنِي
أنَا الآتِي مِنَ الصَّحْرَاءِ مُلْتَحِفاً
عَبيرَ الوَرْدِ
وبَعْضُ الذَّاتِ في الذَّاتِ
أنا الآتِي مِنَ التَّاريخِ في عَجَلٍ
أصُونُ العَهْدَ
في أسْمَى الدِّيَانَاتِ
ويَبْقَى مَوْطني حُرّاً
ويَبْقَى شَامِخاً دهْرَا
ويَزْهُو في مَدى العُمْر
رفِيقَ الرُّوح في بَدنِي
رَعَاكَ الله يَا وطَنِي
حَمَاكَ الله يَا وطَنِي
(4)
وأشْدو في بقَاع الكَون
رَعَاكَ الله يَا وطَنِي
صُرُوح العِلْمِ تَزْدَهِرُ
تَعُمُّ الأرض تَنْتَشِرُ
لهَا أسْمَى الرِّسَالات
وفي الدَّارين تَفْتَخِرُ
فَهَاك اليومَ أوتَادِي
حُمَاةُ المجْدِ أكْبَادِي
رعَاكَ الله يَا وطَنِي
حَمَاكَ الله يَا وَطَنِي
(5)
وأشْدُو في بقَاع الكَون
رعَاكَ الله يا وَطَنِي
حَمَاكَ الله يا وَطَنِي
بلادي مجدها سطر
ومن تاريخها نفخر
لَهاَ في الرُّوح مَنْزِلَةٌ
وفِي أرجائها الكوثرْ
فَأهْلاً مَرْحَباً أكثر
وسَهْلاً حَيْثُمَا نعبر
ريَاضُ الحُبِّ فِي مُدُنِي
يُبَاهِي سِرُّهَا عَلَنِي
رعَاكَ الله يَا وطَنِي
حَماك الله يَا وطَنِي
(6)
وأشْدُو في بقَاع الكَون
رعَاكَ الله يا وطَنِي
وهَذَا الخَيْرُ في دَاري
وفِيه الأمْنُ مِعْيَاري
وبَينَ الغَيْم أوطَانِي
وهَذَا العِشْقُ أغَرانِي
فَقُلْتُ اليَومَ ألحَانِي
وفِيهَا سِرُّ أشْجَانِي
حَبيب الشَّعْبِ سَلمَانِ
حَبيبَ الشَّعْب.. سَلمَانِ
حَمَاك لله يَا سلمَان
رعَاك الله يَا سلمَان
رَعَاكَ الله يا وطنِي
حَماك الله يا وطَنِي .
• زهد في النشر رغم وفرة القصائد 
ومثلما قلنا في بداية تطوافنا في العالم الشعري للشاعر أحمد آل مجثل الغامدي أن الغامدي لا يضع كل همه في الوزن والنظم والقوافي والموسيقى الشعرية الكلاسيكية بحيث يرضي القارئ العادي وإنما يكتفي بعفوية البوح الصادق السامي روحا وفكرا والمشع ألقا فكذلك هو لا يضع النشر أولوية له رغم استطاعته اصدار عشرة دواوين دفعة واحدة لكن الشاعر يكتفي بهمسات البوح وقيثارة النجوى وربابة الشدو التي يطربنا بها ويعزف على وتر قلوبنا مقطوعاته الموسيقية التي تنهمر مطرا وشلال فرح وتسطع كبدر من الألق وتسمو كطائر في سماء الروح وتحلق كنورس في أفق فسيح يكتفي بمقطوعات ينشرها على صفحته بالفيسبوك أو بتويتر أو ببعض الصحف في بعض الأحيان ولنترك الشاعر الغامدي يحدثنا عن هذا الامر حيث يقول في مقدمة ديوانه الثاني ( عندما تبكي الياسمينة ) : (( بين إصداري للديوان الأول عام 1982م ( خمائل ) الذي اصدرته جمعية قصر ثقافة الغوري بالقاهرة وأنا أدرس بالجامعة ،وإصدار ديواني الحالي ( عندما تبكي الياسمينة ) 2014م ثلاثة عقود أو قل (32)عاما .
هي فترة زمنية لها حكاية السنوات الماضية بكل تفاصيلها وأحداثها وحلوها ومرها، الصديقين العزيزين فهد الربيق وهو فنان تشكيلي من جيل ما بعد الرواد وإن كان هو شريك تلك المرحلة لحركة الفن التشكيلي في المملكة التي تجاوزت فيها تجربته الإبداعية (40) عاما كان يصر ويلح منذ سنوات أن أدفع بهذا الديوان للمطبعة والنشر ، وقرأ كل ما احتواه الديوان برؤيته الفنية وليست النقدية بحب وود، وما ظنه بحسن ذاته أنه يقترب من اللوحة التشكيلية المكتوبة شعرا . 
والصديق العزيز الأستاذ الشاعر الجميل عماد قطري الذي عرفته في مشاركات ومناسبات متعددة يأبى في كل لقاء إلا أن يذكرني بوعدي له قريبا سيكون الإصدار وها هو اليوم يفرح بإصدار ديواني الجديد الثاني من خلال مركزه؛ عماد قطري للإبداع والتنمية الثقافية بالقاهرة .
وها هي الأقدار والشرف لي الذي أحتوى تجربتي الأولى في مصر، تعود لذات المكان ( مصر التي علمتنا ) في الوقت الذي أغلقت فيه بعض وليس الكل من بواباتنا الثقافية هذا الفرح في وجوهنا نحن ثلة من تربة هذا الوطن وكأن (زامر الحي لا يطرب) ليس مهما أن أعلق على هذا الحال كثيرا ،وأنا ابتهج مع كل أصدقائي وأهلي وأحبابي بهذا المولود الجديد )).
ما تزال بساتين الشاعر أحمد آل مجثل الغامدي يانعة بأطايب الشعر ومزدانة بروائع القصائد وما تزال واحات شعره حدائق ذات بهجة ولنا معها لقاء جديد بل لقاءات إن شاء الله .

لمتابعة أخبار يمان نيوز عبر التليجرام اضغط هنـــــــــــــا


جميع الحقوق محفوظة لموقع يمان نيوز © 2016 ©