مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية يحذر من اثر الازمة السياسية على الاقتصاد اليمني
يسير نحو التدهور المتصاعد والانكماش المتزايد والانهيار المتسارع تراجع عائدات النفط وانخفاض الاحتياطي النقدي وهروب الاستثمارات ووقف المساعدات الخارجية ونضوب النقد الاجنبي ومخاوف العزلة الدولية لليمن تجعل الاقتصاد على وشك الانهيار اكد تقرير اقتصادي صادر عن مركز بحوث التنمية الاقتصادية ان التدهور السياسي والأمني الذي يشهده البلد حالياً يقود الاقتصاد الى مراحل تدهور خطيرة جداً ... ليصبح ايقافها مستقبلاً عملية صعبة تتطلب إمكانات اقتصادية ومالية اكبر وشروط سياسية وامنية اكثر. وأوضح التقرير انه يجب على القوى السياسية ان تدرك بان الاقتصاد يسير نحو التدهور المتصاعد والانكماش المتزايد والانهيار المتسارع، ولكي تحافظ اليمن على استمرارية المشروعات الاستثمارية الحالية وتستطيع السيطرة على المؤشرات الاقتصادية وايقافها عند هذه الحدود المتدنية التسريع في استعادة الاستقرار السياسي والأمني والقانوني والاقتصادي. وأشار التقرير الى هناك انخفاض كبير في حركة النشاط الاقتصادي وتوقف كثير من المشروعات الاستثمارية وهروب عدد من الشركات والمؤسسات الأجنبية وكذلك هروب رؤوس الأموال المحلية الى خارج اليمن، وان هناك قلق عام ينتاب المستثمرين جراء تدهور الوضع السياسي وان لا حلول تلوح في الأفق، واستبعد التقرير دخول استثمارات جديدة وراسمال جديد الى اليمن في العام الحالي او العام القادم، باستثناء الاستثمارات السياسية الإقليمية، لان المستثمر يبحث عن بيئة استثمارية مناسبة ومكان آمن يحقق له عائد ربحي مناسب. واوضح التقرير أهمية الجانب النفسي للمستثمرين والمودعين بالمصارف المحلية حيث ان التدهور الحاصل يولد شعور بالقلق والخوف وعدم الثقة بالعملة المحلية لدى المودعين هو ما سيدفعهم الى سحب ودائعهم وتحويلها الى الدولار، وقد بلغت حجم الودائع بالعملة المحلية في البنوك التجارية حوالي 2.2 تريليون ريال يمني في ديسمبر 2014م، فاذا ما تم سحبها فان ذلك يتطلب تغطيتها 10 مليار دولار، والبنوك التجارية لا تملك سوى 2.1 مليار دولار، لذلك فهي بحاجة الى 8 مليار دولار، وسيتم طلبها من البنك المركزي الذي لا يمتلك سوى 4 مليار دولار في نهاية يناير 2015م، وسيواجه عجز 4 مليار دولار، بالإضافة الى ان البنك المركزي سيعجز عن دفع فاتورة الواردات الضرورية من الاحتياجات الاستهلاكية . وبذلك فان الطلب على الدولار سيرتفع وهو ما سيؤدي الى ارتفاع سعر الدولار مقابل الريال اليمني وبالتالي انخفاض سعر العملة المحلية، وهذا سيؤدي الى فقدان الثقة بالعملة المحلية وبالتالي هروب اكبر لرأس المال من اليمن، وهو ما سيعمق المشكلة الاقتصادية بشكل اكبر ، وسيقود ذلك الى مشكلات سياسية اكبر. كما ان البنوك والمصارف المحلية معرضة للنهب والسرقات من قبل العصابات وهو ما حدث في بعض المناطق اليمنية وهو ما سيدفع البنوك وشركات الصرافة الى اغلاق كثير من فروعها . وان هناك انخفاض لعائدات النفط تقدر بـ 1.2 مليار دولار عام 2014 مقارنة بعام 2013 نتيجة لانخفاض كمية النفط المنتجة بسبب تفجيرات انابيب النفط، وتهديد بتدمير المنشآت النفطية، وتراجع الاحتياطي النقدي للبنك المركزي من 7 مليار عام 2011 الى 4 مليارات نهاية يناير 2015م، وهناك مخاوف من نضوب النقد الأجنبي ومخاوف العزلة الدولية التي قد تشهدها اليمن في الأيام القادمة كلها تجعل الاقتصاد على وشك الانهيار. ونبه التقرير الى ان استمرارية الازمة السياسية وغياب الاستقرار الأمني واستمرار اغلاق السفارات الأجنبية في صنعاء سيؤدي الى توقف بعض البنوك الخارجية من تعاملاتها مع البنوك اليمنية وبذلك ستتوقف كثير من الحوالات المالية من والى اليمن، وهو ما سيضاعف الصعوبات والعقبات امام التبادل التجاري بين اليمن والعالم الخارجي والذي بلغ حوالي 21 مليار دولار عام 2013م، ما يعني مضاعفة الآثار السلبية والتداعيات الخطيرة على الاقتصاد. من جهة أخرى تشير الإحصاءات ان عدد المغتربين اليمنيين في الخارج يزيد عن 2 مليون فرد لتحتل اليمن المرتبة السابعة بين بلدان الشرق الأوسط في تحويلات المغتربين، لتبلغ حجم التحويلات المالية الى اليمن حوالي 3.5 مليار دولار عام 2012م، ويعكس ذلك أهمية التحويلات المالية الخارجية كمصدر دخل للعائلات ورفد الاقتصاد اليمني بالنقد الأجنبي، وبفرض إجراءات رقابية شديدة ومعقدة على حوالات الافراد والشركات سيكون له تداعياته الخطيرة على الاسر وآثاره السلبية على الاقتصاد اليمني. وذكر التقرير ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي الأخرى تعاني من انخفاض حركة مبيعاتها الى ما يقرب من النصف مقارنة بنفس الفترة للاعوام السابقة، وان بعض المشرعات عجزت عن سداد التزاماتها ودفع ايجارات المشروعات وعجزت عن دفع الأجور والرواتب لموظفيها، كما ان بعض الشركات قامت بتسريح جميع العاملين فيها وبعضها خفضت عدد العاملين، وانعكاس ذلك على انخفاض دخل مجموعة كبيرة من الاسر اليمنية وهذا سيدفع بالاسر الى تقليل طلبها الاستهلاكي على السلع والخدمات الامر الذي سيدفع بالمنتجين والمستثمرين الى تخفيض انتاجهم واستثماراتهم واغلاق بعض المشروعات مما يعني تسريح اكثر للعاملين وبالتالي تعطل كثير من الموارد الإنتاجية والاقتصادية... وهو ما يلقي بظلال الازمة السياسية على تفاقم الأوضاع الاقتصادية. ويشير التقرير الى ان معدلات البطالة ارتفعت قبل ثورة فبراير 2011 من 25% الى 36% و 44% في 2012 و 2013، ومن المتوقع ان ترتفع معدلات البطالة الى اكثر من 60% عام 2015 ، وما تؤكده كثير من المؤشرات بان هناك طابور جديد من اليمنيين ينضمون الى صفوف العاطلين عن العمل، الامر الذي سيؤدي الى تحول هذه الطاقات الإنتاجية من وسائل بناء الى وسائل هدم المجتمع وتشكل عبء انساني وامني على حساب المجتمع، وبالتالي خلق مشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية لا حصر لها. وانه من المؤكد ان استمرار التدهور السياسي والأمني سيؤدي الى تراجع كبير في النمو الاقتصادي وانخفاض الناتج المحلي، وانعكاس ذلك على انخفاض معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي وتراجع الدخل الحقيقي وتدني المستوى المعيشي للفرد اكثر فاكثر. واختتم التقرير بالقول انه قبل هذا وذاك فان اكثر من 50% من اليمنين يقل دخلهم عن دولار واحد يومياً، وذلك يشير الى انخفاض دخل المواطن وانعدام الادخار وانخفاض القوة الشرائية، وتقدر نسبة الفقر بـ 50%، وان اكثر من 50% من السكان لا يحصلون على الغذاء الكافي، وهذه النسبة تعني ان اكثر من 12 مليون فرد يعانون من انعدام الامن الغذائي - أي ان اكثر من نصف اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون سوء التغذية ... وتؤكد هذه المؤشرات وتلك ان المشكلة الغذائية تتعقد يوم بعد يوم، مما يزيد من معاناة المواطنين ويفاقم مشكلاتهم لتنذر بحدوث كارثة انسانية غذائية اذا ما استمرت الاوضاع على ما هي عليه.
التعليقات