يقول بن خلدون في مقدمته أن من علامات شيخوخة الدول وبداية انهيارها، إنتشار البذخ والترف لدى قادتها..
والزائر لأبطال الجيش في #تعز ليراهم مناظلون ليلا في مواقعهم، جوعا، وصبرا، وجلدا.. ويستيقظون على هموم دروسهم الجامعية نهارا؛ وتيقن لي أن هؤلاء هم مداميك المستقبل.. عين تحرس وعين تقرأ، وأن هؤلاء الرجال الذين يكتوون بمحن داخلية، وأوجاع الضغوط، وقلة ذات اليد، وهموم الغد، هؤلاء هم النخبة الأكفأ لحمل مشروع الدولة.. لماذا؟ لأن الواحد منهم يخوض الآن إرهاصات لايمكن للعامة تحملها، خصوصا تلك الثلة التي لديها رؤى واضحة، واستثمار لأوقاتهم بشكل منظم.
لاتصدقوا.. أن من تسلطوا على المكاتب الحكومية "بعقدها الأخير" سيكونوا قادرين على حمل أعبائها في الغد، هذا ليس انتقاصا.. إنما هناك جمهور أكثر وعيا سيجبرهم على اتخاذ مواقف، وبطريقة أخرى؛ لأن الغد سيحمل معه فاتورة باهضة، لن يقوى عليها إلا من تم إعدادهم لسنين شداد، وهاهم أشرفوا على عقد من الممارسة الميدانية والتأهيل العلمي أيضا!
لم أندم على وقت لي كما ندمت عليه وأنا منكب على على علاقيتي وهم يتناقشون بحدة ويذاكرون جماعيا لامتحانهم في اليوم التالي، والأوراق تُملأ في لحظات بينهم، وقتها كنت أشتم ذاتي مع كل تكة في عقارب الساعة بالزاوية الأخرى، وأجد الذرة التي تمشي على الأرض أفضل مني، فهي تنجز مهمتها في إطار خليتها على أكمل وجه، وهنا ألاحظ ذاتي غبارا يحلق بالفضاء بلا غاية.
ذات مرة.. شاهدت برنامج حول إعداد الجندي في دولة متقدمة، ولاحظت غالبية أساليبهم تحاكي الواقع، وهي خبرة قريبة للنظرية منها للعملية، وهنا أتحدث عن الخبرة القتالية لا الخبرات الأخرى، وعايشت الكثير من هؤلاء الرجال، فوجدتهم يمارسون خبرة ميدانية حقيقية لسنوات.. والأكثر من الخبرة هو الإيمان بالقضية.. الواحد منهم يرى المقاومة والدفاع موضوعه الشخصي، مهما كان النقص والإمكانات لا تؤهِل؛ سوى أنه يناظل بقناعة ذاتية مشبعة، بلا سخط، وهذا مايجعلني أجد الغد مبشرا جدا، فلا أدع لليأس احتمالاً!
أرى مستقبلا واعدا كلما نظرت لهؤلاء الأبطال فيستطرد عقلي لمقالة المفكر والثائر الأميركي الإسلامي"مالكوم إكس": المستقبل ينتمي إلى هؤلاء الذين يعدون له اليوم..
أراهن أن الغد مبشر؛ ولا يستشف هذه النتيجة عدا من يقرأون يوميات ما يعايشه الرجال في الجبهات.
لمتابعة أخبار
يمان نيوز عبر التليجرام اضغط
هنـــــــــــــا