مخطط سعودي لملشنة المهرة…هل يصطدم بالرفض الشعبي والتماسك القبلي؟
في ظل الحراك الثوري المستمر، للجنة اعتصام أبناء المهرة طيلة الست سنوات الماضية، استطاعت كسر مشروع الرياض أبو ظبي الرامي إلى إسقاط المحافظة في مربع الفوضى كتكرار لما حدث في سقطرى وعدن وشبوة.
وحتى نهاية عام 2017، تاريخ دخول القوات السعودية إليها، ظلت محافظة المهرة في أقصى الشرق اليمني بعيدةً عن الصراع الذي اندلع قبل عشر سنوات في اليمن، فالمحافظة المتاخمة لسلطنة عُمان لم يدخلها الحوثيون، ولم تخرج قيادتها عن الشرعية أو تتمرد عليها.
لهذا السبب، أعرب أبناء المهرة علنا عن استغرابهم من قدوم القوات السعودية إلى محافظتهم البعيدة عن جبهات المواجهة, ومع مرور الوقت، تحوَّل استغراب أهل المهرة إلى تصعيد رافض للوجود السعودي.
وتعود المهرة للمشهد المشبوه، بصبغة سعودية جديدة، لتجد المحافظة المستقرة والآمنة طيلة الفترة الماضية نفسها في آتون سيناريو مجهول وفوضوي الحاضر ومجهول المستقبل.
يقول الناطق الرسمي باسم لجنة الاعتصام السلمي في المهرة علي بن محامد في تصريح على حسابه بمنصة “إكس”، إن هناك “تحركات مريبة تستهدف النسيج الاجتماعي في محافظة المهرة مستغلة الأوضاع الاقتصادية للبلاد”.
وأوضح أن التحركات تجري عبر “فتح باب التجنيد لجهات مشبوهة لتشكيل مليشيات على غرار مليشيات النخب في المحافظات المحتلة شرقي اليمن”.
وأكّد محامد أن “ما يحدث يستلزم وقفة جادة من كافة أبناء المهرة أمام هذه المخططات والأجندات التي تستهدف أمن واستقرار المحافظة”.
يأتي هذا التحذير المفاجئ من لجنة الاعتصام عقب فشل العديد من مساعي الانتقالي المدعوم إماراتيا للسيطرة على محافظة المهرة، إلى جانب تحرّكات السعودية، التي تهدف هي الأخرى إلى الاستيلاء على مواقع مهمّة في المحافظة.
وفق مراقبين، فإن ما محاولات السعودية لفتح التجنيد في المهرة لا يهدف سوى إلى شق الصف المهري، وخلخلة النسيج الاجتماعي الذي ظل متماسكاً نسبياً خلال سنوات الحرب الماضية، مقارنة ببقية المحافظات.
رفض المشاريع
وفي السياق، يقول الناشط والصحفي اليمني، مصعب عفيف: “إن أي صراع أو أي أجندة أو برامج أو مشاريع لتجنيد قوى خارج إطار مؤسسات الدولة في محافظة المهرة ستكون مرفوضة، لأنه لا يوجد لها أي مبررات أو مسوّغات”.
وأضاف عفيف، في حديثه لـ “المهرية نت” أن “أبناء محافظة المهرة وقبائلها والسلطة المحلية والجيش سيكونون أول من يتصدّى لأي مشروع يستهدف محافظتهم المسالمة”.
ويلفت إلى أن “محافظة المهرة ظلت بعيدة عن الصراع، وعن الحرب التي شهدتها أغلب المحافظات اليمنية، وأصبحت ملاذا آمنا لأغلب اليمنيين”.
ويذهب عفيف بالقول إلى أن “التحالف السعودي – الإماراتي هو الذي يدير هذه الفوضى وهذه الأمور، وما المجلس الانتقالي إلا مجرد شركة أمنية تابعة له”.
ويرى عفيف أن “ما يُشاع عن فتح التجنيد في المهرة هو عبارة عن محاولة جديدة لسعودية”، لافتا إلى أن “الموضوع صراع كبير، وأجندة خطيرة لتمزيق البلد وتفتيته، تحت شعارات ولافتات مختلفة ومتعددة، ولكن هذه المحاولة خطيرة، لأن المهرة ستتحول إلى مربع الفوضى، التي تقبع فيه عدن وشبوة، بعد أن ظلت سلام”.
الحراك الثوري المستمر
وسط الاحتجاجات السلمية التي شهدتها محافظة المهرة بقيادة لجنة الاعتصام السلمي في المهرة، الرافضة للوجود السعودي، والمطالب بخروج القوات الأجنبية، لوَّحت قيادات أهلية في محافظة المهرة مؤخرا باستخدام ما سمته “مرحلة جديدة من النضال الوطني” إذا أصرت السعودية، على محاولات العبث بأمن واستقرار المهرة.
وفي السياق، يقول القيادي في لجنة الاعتصام في المهرة مسلم رعفيت “إن “هناك مخطط سعودي يستهدف المهرة وذلك بفتح باب، التجنيد وتشكيل مليشيات خارج نطاق المؤسسات العسكرية والأمنية”.
وأضاف رعفيت ، في منشور له على حسابه بالفيسبوك، إن” محاولة السعودية تشكيل مليشيا في المهرة، اثار الأمر استياءً كبيرا بين اوساط المجتمع المهري”.
وأشار إلى “هذا التحرك أثار استياءً كبيراً في أوساط المجتمع المهري”، مطالبا بعودة الاعتصامات والنزول إلى الساحات للتنديد بمحاولة ملشنة المهرة”.
وحذر رعفيت، من محاولة تحويل المهرة إلى ساحة للتخريب والقتل، كما هو الحال في المحافظات التي تشكلت فيها تلك المليشيات، مؤكداً أن أبناء المهرة لن يسمحوا لمثل هذه المليشيات ومهددا بالعودة إلى الساحات حال سمح لهذه المليشيات بالتجنيد في المحافظة”.
بين مليشيا “القرية” والدولة
يؤكد الاكاديمي صابر “مختار” أن ما تسعى اليه السعودية في المهرة الآن بفتح التجنيد “ما هو إلا محاولة من محاولات كثيرة بدأتها السعودية منذ سنوات، في محاولة للسيطرة على محافظة المهرة”.
ويقول لـ”المهرية نت ” إن أبناء المهرة “موقفهم واضح مع الدولة، ولن تكون بعد اليوم مع مليشيات القرية”، مشيراً إلى أن ما يحدث في عدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الانتقالي “من نهب وقتل وصراع وسطو مسلح يدفع الناس لمزيد من الرفض ضد أي تحرك سعودي مشبوه”.
ويشير إلى أن “المجلس الرئاسي والحكومة معزولة عن الواقع على الأرض، وموقفها مرتهن إلى من يمولها، لكن لا يعني ذلك أن يتجاهل الجميع الموقف الشعبي الرافض لأي مخطط لجر المهرة إلى مربع الفوضى”.
ويوضح على أن “ثمة مسعى سعودي في المهرة، لا يخفى لتكرار السيناريو الإماراتي في عدن وشبوة وسقطرى، أي إنشاء قوات أمنية موازية للقوات الحكومية في المحافظة، وهو ما يجرد الوجود الأمني الرسمي من معناه باعتباره شكلاً من أشكال السيادة”.
ويؤكد على أن “المهرة هدف استراتيجي للوجود السعودي تحت لافتات كثيرة منها ما هو اقتصادي وسياسي وعسكري, وجزء من صراع التاريخ والجغرافيا واستخدام اليمن لإشباع النهم السعودي في التوسع ومحاصرة جيرانها”.
ويرى مراقبون إ لجنة الاعتصام السلمي في المهرة رفعت لافتة السيادة وخلفها كانت الأطراف تشهر سكاكينها لتمزيق ما يمكن تمزيقه من اليمن الكبير، فحضر قميص عثمان وغاب المستعمر، ولكن هذه المرة ينتقل الصراع لمرحلة المكر، ولكن في انتظار الفرصة المواتية للانقضاض اكثر.
التعليقات