عُمان الشقيق الصامت..
محمد علي محسن
2024-10-10 11:50:28
أحد أقرباء يتواصل مع هاتفي من "مسقط" عاصمة سلطنة عُمان، أخبرني ضاحكًا وربما هازئًا من أحوالنا : أنا ورفيقي كافيه من اليمن فقط، نمشي راجلين، فلا ترى غيرنا في هذه الشوارع الفسيحة تحت سيات الهاجرة، فأغلب العُمانيين تقلُّهم سياراتهم".
أمَّا وعندما عاد إلى عدن ، فأخذِّينثنا بإعجاب ، تعبيره زار لندن أو باريس ، مسلوبًا في وصف ما شاهده في مسقط من ثورة ونهضة إنسانية وعمرانية وثقافية .
نظام عام دقيق كساعة إلكترونية ، أمن ، شوارع ، متنفسات ، سياحة ، إدارة وفق أحدث الإلكترونيات والقوانين ، تجارة بينية ، خدمات راقية ، اتصالات تقنية عالية الجودة . قال مذهولًا : تخيَّل أن المُشغِّل التكيف الرئيس للإنترنت ( السيرفر ) الخاص بدول الشرق الأوسط والخليج موجود في عُمان ، وكان سيعثر على مدينة آمنة مثل مسقط .
قلت لأبي محمد : من يصدِّق أن يتنفس العُماني كان مهانًا في ثراء الإغتراب ، في السعودية وقطر والبحرين والإمارات والكويت ، كان العُماني في مرتبة أقل من اليمني إلى حقبة الثمانينات . ما تواتر من أخبار السُلطان "وسقاب" رحمه الله ، عرفه زار الرياض وحال رعاياه في بلاد الإغتراب ، فأخذ على موافقة أهله لآليات بلده . والآن تأمل كم نسبة العُمانيين في أوروبا أو أمريكا ؟ بضع دقائق يتواجدون في أستراليا، وبريطانيا، وأستراليا.
أشتغل الرجل الداهية بصمت ووقار، فلم يتذمّر، أو شيتكي، أو يطلب مساعدات مالية أو إنسانية، استجلب خيرة العقول في الإدارة والإعلام والاقتصاد وسواها، وخبراء إنكليز قوي وتحديث الجيش واضح، ووفق معايير نظامية توزاي ما هو في بريطانيا أو امريكان .
شخصيًا، اعد سلطنة عمان ك 'سويسرا' في أوروبا، لحافلة الحياد سائق مكَّن الدولة التجارية من تجاوز الكثير من الذين ساهموا فيها وازماتها البيضاء. بما فيه الكفاية إلى عُمان البلد العربي الوحيد الذي أبقى على اتصال مع مصر بعد أن حدث "كامب ديفيد" بين الرئيس المصري الراحل السادات، ورئيس حكومة إسرائيل "مناحيم بيجين".
هناك من يستخدم لسلطنة عمان من مشهد طائفي (سني - شيعي) ، ضيق على اعتبار أن مذهب الدولة الإباضية، ولكن الزائر لهذا البلد لن يجد أن هناك أيِّ إنقسام أو تمايز طائفي، فحرية المُعتقد كفلها القانون، ولجميع حق ممارسة مع تقديراتهم، بمن فيهم المنتمين لطوائف غير مسلمين كالمسيحيين واليهودوس والبوذيين .
وهذه الجالية لديها عدد أقل من السكان الأصليين ، أي ما يقارب 2 مليون وافد ، من إجمالي 5 ملايين نسمة يعيشون بتسامح متبادل . فليس هناك من نزع طائفية بين الفئتين الأكبر الإباضة والشافعية، أو بين الفئتين وبين إقليم ضيق جدا كالشيعة الاثني عشرية، أو بين الطائفة المسلمة وبين بقية الطواغيت غير المسلمة .
كثيرًا ما قرأت أو تابعت مسؤولًا أو مثقفًا عمانيًا ، وفي كل مرَّة أجدني أسأل ذاتي وبدهشة وإجلال : كيف من نعدهم شطرنا الآخر أنجزوا هذه الطفرة ، وهذا السبق ، وفي ظرفية زمنية لا تتعدى العقدين أو الثلاثة ؟.
كيف يعرف الإنسان العُماني يتحدَّث اليوم عن بلده بفخر وإعتزاز وفي اختيار المشاهير وسائل الإعلام ؟ كيف يصلح بلبسه التقليدي والمباهاه به أين حل أو ذهب ؟ كيف يمكن أن عقلية العُماني بهذا النُج المعرفة والثقة ؟ كيف قدر على الموامة ما بين الأصالة والمعاصرة وفي أبهى حُلة ؟ .
والمهم كيف أصبح الإنسان العُماني بات في وطنه مرفهًا آمنًا ومستقرًا بينما يعاني شقيقه الآخر اليمني من ويكبد في وطنه وفي اغترابه ؟ . ففي وقت أضحت عُمان قبلة للاستثمار والتقنية والآداب وسواها ؛ يتساءل اليمني إمَّا قتيلاً في جبهات ألوغى، وإما غريقًا في أهوال الراتب يسعى جاهدًا إلى أوروبا أو أمريكا.
هل دمتم إنسانا عُمانيا مغتربًا مهانًا في ثراء الإغتراب ؟ هل قدرت لكم رؤية عُماني نافشًا ريشه مثل طواويس خليجية أو يمنية أو عربية ؟ . عُمان بلد يشبهنا ، بل يماثلنا كثيرًا ، تراثًا خرائطًا وثقافة ومساحة و عميقا ، نعم لا يوجد شعب أقرب إلينا من شعب العُماني ، ثم انجزوا نهضتهم وتخلصَّنا عن ركبهم ؟.
دعكم من الثرثرة عن ثروات النفط التصديرية والسواحل والجبال الشاهقة ، فلا تنمية ولا نهضة أساسية دون توافر خصائصها ، الإنسان أولًا ، وثانيًا ، ورابًا ، ومن ثمايهار والعزيمة والفرصة والإدارة الملهمة .
يعتمد اقتصاد عُمان بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، وعُمان - أيضًا - وتبرز بأشكالها التقليدية للفنون، مثل الفخار والنسيج الفضي الفضي، وغيرها من الحلوى أو الخنجر الذي لم يخرج من غمده في فعل جنائي، فهو مجرد زينة وتراث . وعُمان بها وديان وقلاع وأسواق الحب . ما يعني العماني مثل اليمن .
السُلطان قابوس كان قائدًا ملهمًا ومثقفًا ووطنيًا، فمن يظن أن النهضة - واي نهضة - تكون عفوية ولها ثروة بترول أو ذهب وهذا يجهل حقيقة أن النفط والذهب وما تك للتنزه في الأرض يستلزمها وقادة وإإلَّا كانت وبالفعل على أي مجتمع ، بالتعاون في اليمن وأخيراً أفريقية وعدِّة خير نموذج .
فمن من قادة هذه البلاد السابقين أو الحاليين لديه الرؤية والضمير والرغبة ، كي يمضي على خطى السُلطان الذي نزل إلى خيم البدو الرُحل لإقناعهم بضرورة تنظيم النسل ؟ فهل هنالك من يمكنه البذل والتضحية لأجل وقف الحرب وإحلال السلام ؟ .