تشهد مدينتا المكلا وعدن منذ مساء الأربعاء تصعيدًا شعبيًا غير مسبوق، وسط انهيار حاد في الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء والمياه، ما أدى إلى موجة احتجاجات غاضبة تخللها اشتباكات، وقطع طرق، وعمليات إطلاق نار، وسط تحذيرات من خروج الوضع عن السيطرة.
المكلا.. إصابات واقتحام وقطع طرق
في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، تفجرت الأوضاع الأمنية عقب اقتحام محتجين غاضبين لمبنى مؤسسة الكهرباء، احتجاجًا على الانقطاعات المتكررة للتيار في ظل درجات حرارة مرتفعة.
وقال شهود عيان إن الحراسة حاولت منع المحتجين، ما أدى إلى مواجهات أسفرت عن تحطيم طقم عسكري تابع للقوات المكلفة بتأمين المبنى.
ووفقًا لمصادر محلية، فقد أُطلق الرصاص الحي على المتظاهرين من قبل قوات أمنية، يُعتقد أنها تتبع لواء بارشيد والدعم الأمني، في محاولة لتفريق التجمعات، ما أسفر عن إصابة شاب من أبناء المكلا بجروح.
كما أقدم محتجون على إزالة صورا لزعماء الإمارات ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في شوارع ومدن المكلا والشحر بالمحافظة.
وتشهد المدينة شللاً تامًا بعد قطع الطرقات في عدة أحياء أبرزها حي السلام وحي الشهيد، مما أدى إلى توقف حركة السير وعزل مناطق كاملة من المدينة.

لجنة التصعيد تدين "القمع" وتعلن استمرار العصيان
من جانبها، أصدرت ما تسمى بـ"لجنة التصعيد لشباب وأبناء مدينة المكلا"، بيانًا شديد اللهجة، دانت فيه استخدام الرصاص الحي والأسلحة المتوسطة ضد المتظاهرين السلميين، محمّلة السلطات الأمنية والعسكرية مسؤولية التبعات.
وجاء في البيان: "لقد أثبتم خلال الأيام الماضية معدنكم الأصيل، وسطرتم ملاحم نضالية مشرفة في مواجهة سياسات التجويع والتعذيب الممنهج، التي تمارس عبر الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء والمياه".
كما حمّل البيان محافظ حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي مسؤولية الفشل والفساد، داعيًا إلى إقالته ومحاسبته.
وأكدت اللجنة استمرار العصيان المدني الشامل يوم الخميس 31 يوليو، بما في ذلك إغلاق المرافق الحكومية والخدمية، ووقف الحركة العامة، حتى تتم الاستجابة الكاملة للمطالب دون مساومة.
توضيح أمني: إطلاق النار لحماية الجنود
في المقابل، أوضح قائد الشرطة العسكرية بالمكلا العقيد مراد خميس باخُلّه أن إطلاق النار مساء الأربعاء جاء كرد فعل على استهداف مجهولين للأطقم العسكرية في منطقة فوة غرب المدينة، مشيرًا إلى أن الطلقات كانت في الهواء ولم تكن موجهة ضد المتظاهرين.
وقال باخُلّه إن "هناك جهات مشبوهة تسعى لاستغلال المظاهرات السلمية ومحاولة إخراجها عن مسارها الحضاري والسلمي، بهدف زرع الفوضى وتهديد الأمن"، لافتًا إلى أن أحد السائقين نجا بأعجوبة من رصاصة استهدفته بشكل مباشر.

عدن على خط الاحتجاج
وفي العاصمة المؤقتة عدن، شهدت مديرية المنصورة احتجاجات مماثلة مساء الأربعاء، حيث أضرم محتجون النار في إطارات السيارات، وقطعوا شوارع رئيسية تنديدًا بتدهور الخدمات، خاصة الكهرباء والمياه، في ظل موجة حر خانقة.
وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإنقاذ المدينة من الانهيار الخدمي والمعيشي، وسط غضب متصاعد من تجاهل السلطات لمعاناة السكان وتدهور الحياة اليومية في مختلف القطاعات دون حلول تُذكر.
يأتي هذا التصعيد، وسط مخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مزيد من الفوضى، خاصة مع اتساع رقعة الاحتجاجات، واستمرار الغضب الشعبي من سوء الأوضاع المعيشية وغياب أي بوادر لمعالجتها، لا سيما أزمة انقطاع الكهرباء والانهيار السريع للعملة الوطنية.