يخلد العمالقة ذكراهم في ذاكرة شعوبهم بأعمالهم و مواقفهم.دع جانبا من تمت صناعة زعامتهم صناعة على شاكلة الوجبات السريعة أو السفري و التي لا تسمن و لا تغني من جوع، و التي تنتهي زعامتهم إما بمؤامرة انقلابية كالتي أتت به أو بصفعة ثورة شعبية تقول له : إرحل !
العظماء الحقيقيون لا تلدهم شاشات التلفاز، أو تُقدّمهم أرتال مواكب الحراسة . العظماء تصنعهم المبادئ، و تبرزهم الميادين، و من ميدان الفعل خرج الزبيري؛ كما تخرج الأسد من بابها، أليس هو من قال بعد خروجه من سجون الكهنوت الإمامي :
خرجنا من السجن شُمّ الأنوف كما تخرج الأسد من غابها
نمرّ على شفرات السيوف و نأتي المنيّة من بابها
لم يكن خروج الزبيري خروج من يحوّل فترة سجنه إلى بطولة تكفيه للتوظيف الإعلامي، و رصيد سياسي يفاخر به، فليس الزبيري الصوفي الثائر كما يصفه الراحل عمر الجاوي، من يفعل ذلك، بل مضى الزبيري في خروج - سيتكرر - من أجل الحق و أمة يريد تخليصها من الكهنوت :
ستعلم أمتنا أننا ركبنا الخطوب حنانا بها
لذلك كان الزبيري عملاقا من عمالقة ثورة 1948م.التي سقطت و هي حبلى بثورة السادس و العشرين من سبتمبر 1962م. التي كان من عمالقتها الأبرز : الشهيد محمد محمود الزبيري.
نعم فشلت ثورة 48 و زُجّ بقادتها إلى السجون و من ثَمّ إلى ساحات إعدامات الكهنوت التي أدمنت سفك الدماء، فلا تعيش إلا عليها. نجا الزبيري من ذلكم المصير؛ لأن قادة الثورة كلفوه و الفضيل الورتلاني، مهندس الثورة كما يصفه الراحل أحمد الشامي، بالسفر لملاقاة وفد الجامعة العربية ؛ ليستتحثان الوفد سرعة السفر إلى اليمن، لكن إعاقة سرعة وصول الوفد إلى اليمن كانت مبيّتة منذ البداية، حيث رتبت الحكومة المصرية سفر الوفد بحرا بدلا من الطائرة ؛ لإعطاء وقتا لإمام الكهنوت؛ يتمكن به من قتل ( الدستور) الكافر !
وسقطت الثورة و الزبيري و الفضيل الورتلاني يستعجلان وفدا أنهى سقوط الثورة مهمته قبل أن تطأ أقدامهم الأرض اليمنية.
يحسن العرب التآمر على بعضهم، بل و حتى على أنفسهم!!
وشاهد الزبيري مصرع الابتسامة :
أنا راقبت دفن فرحتنا الكبرى و شاهدت مصرع الإبتسامة
لم ييأس أبو الأحرار الزبيري رغم ألمه الشديد من فشل الثورة و مصرع الإبتسامة، و إنما واصل جهده و جهاده، و ذلك هو الفارق بين البطل المطبوع و البطل المصنوع، أو بين من تصنعه المبادئ و مواقف الميدان و بين من تصنعه بطولة الغفلة و تهريج الإعلام. البطل المطبوع لا ينكسر و لا ينهزم، بل يبذل نفسه للشأن العام، شعبا و وطنا ، في حين أن الآخر يتظاهر بالبطولة و الوطنية ليسخر الشعب و الوطن لمصالحه أو بحاربهما.
وكانت ثورة 26 سبتمبر، ليكون الزبيري في عمقها، فهو داعي الثورة و عاشق النظام الجمهوري الذي دعا إلى عدم التفريط فيه. ذلك أن الزبيري بروحه النقية و صفاء نفسه، و الزهد الذي هو سمته، و منهجه الثائر الذي يكره الظلم، فقد اصطدم مع السلطة و الحكومة التي كان عضوا بارزا فيها، فقدم استقالته منتقدا أداء النظام الجديد.
لم يتبرأ من الثورة و الجمهورية و لا من الرئيس السلال، بل إن مقررات مؤتمر عمران الذي تجند الزبيري في الدعوة إليه كان لحشد الطاقات الشعبية و الرسمية و إصلاح العثرات و الاختلالات في أداء الحكومة، و قد أكد مؤتمر عمران المصير الجمهوري لليمن، كما أكد على تأييد الرئيس عبدالله السلال.
ولما كان أداء السلطة متعثرا و احتواء المشاكل غائبا و الحرب تزداد تسعّرا، و فلول الملكية تقود الحرب ضد الجمهورية و تؤثر بما توفر لها من الإمكانات المادية و المالية في أوساط المناطق القبلية فقد خرج الزبيري للم شعث تلك القبائل و إقناعها بالنظام الجمهوري.
وقطع لذلك خطوات كان يريد أن تتوج في مؤتمر جماهيري عام، وهو ما دعا له فعلا : مؤتمر خمر للسلام.
أزعج تحرك الزبيري فلول الملكيين فكان أن ترصدوا له و هو يطوف بين القبائل؛ ليغتاله مخطط الكهنوت الإجرامي صباح يوم الخميس الموافق 1أبريل 1965م.
لقد سبق منه القول :
فإن سلمت فإني قد وهبت له خلاصة العمر ماضيه و آتية
وكنت أحرص لو أني أموت له و حدي فداء و يبقى كل أهلية
نقابة الصحفيين تدين اعتقال حمود هزاع بمارب وتطالب بسرعة إطلاق سراحه
اعتصام المهرة: استهداف حلف قبائل حضرموت يُعد اعتداءً سافرًا على أبناء المحافظة كافة
محافظ المهرة "بن ياسر" يفتتح المهرجان الثقافي التراثي الثاني 2025م
شرطة شحن تضبط رئيس الجالية الإثيوبية بالمهرة بتهمة الاتجار بالبشر وقيادة شبكة تهريب