لا وحدة ولا انفصال.. منطق المصلحة الإماراتية في اليمن بقلم /نايف الحساني 23-12-2025 21:07:20

more

تمّ إزاحة الإخوان من الساحة، لقد نجحت العملية بإمتياز وأُزِيحَ العائق أمام ابوظبي، هذه كانت الخطوة الأولى بالنسبة للإمارات، تفكيك قوة الإصلاح واديولوجيتهم للبدء في مشروعها في المكاسب الإقتصادية، أما الخطوة التالية ستكون أكثر ذكاءً وهدوءً بعيداً عن الحرب بل هي إدارة النفوذ وجني الأرباح، بالمعنى الحقيقي للكلمة، السيطرة على الموانئ والإتصالات والطاقة وغيرها دون فوضى عسكرية إنما بتكتيك حيوي لإحياء القوة الإقتصادية لديها بدل ما تظل مجمدة ولا يستفيد منها أحد .

السؤال الذي يُطرح منذ فترة طويلة؟ لماذا الإمارات تدعم عيدورس وهو مع الإنفصال وتدعم طارق صالح وهو مع الوحدة، هل هي غبية إلى هذه الدرجة حتى تخلق فوضى في أماكن هي مستفيدة منها؟ أَمْ أن هي تستطيع أن تضبط كل من طارق وعيدورس وتجعلهما لا يتصدمان؟

في الحقيقة يمكن القول نحن مع السؤال الثاني الذي هو أقرب إلى تصوّر إلى الواقع، الإمارات مستفيدة من كل من الطرفين ولن تسمح بحدوث إحتراب أو صدام بينهما، هي قد وضعت لهم حدود منضبطة وكل واحد منهم يجب أن يلتزم بما هو مرسوم عليه، وأي محاولة من أحدهما في القضاء على الآخر ستسحب بساطها من تحت اقدامه أما بضغط سياسي أو بقطع الدعم عليه.

لايمكن للإمارات أن تعتمد على لاعب واحد، هي تحتاج إلى لاعبين، احدهما يسيطر ويحقق التوازن في المخا والساحل والآخر في عدن والمكلا، وهكذا لن يوجد غالب ولا مغلوب، بقاء طارق صالح وعيدروس حليفينا قويين ، وأن تظل علاقتهم كما هي، وان لايتجاوز احدهما الحدود المرسومة ويعتبر تجاوزها خطوط حمراء، فلن يحدث صدام ابداً دام في سد للصراع وتحديد ماهي مهام كل طرف وعلى ماذا يسيطر ، لأن وجود أي خلاف بين الطرفين سيتعارض مع ما يخدم الامارات، ستعمل ابو ظبي بكل جهد على تسوية السياسة بما يرضي طارق والمجلس الانتقالي.

إنها مرحلة حصد الارباح وإدارة الإستثمار، وهذه المرحلة هي الأهم بالنسبة للإمارات، الساحة فارغة لتسيطر عليها هي، ولاشيء يمكن أن يفسد هذا الحلم لأن كل من حلفائها يحتاجونها، طارق في حالة صعبة ويحتاج إلى الدعم الإمارتي ولايمكن أن يكون مستقل بذاته حتى يبلغ قمة انتصاراته، والإنتقالي هو كذلك لايمكن ان يكون سلطة وذات قوة ووجود إلا بدعم الإمارتي ، فكل منهما سيحاول أن يتمسك بالإمارات لأنها اصبح مثل الاب الذي يعتمد عليه الابناء في مرحلة الطفولة حتى يبلغوا ويصبح لديهم عمل .

هل يوجد سبب يجعل الإمارات تتخلى عن حلفائها كلاهما او احدهما ؟
بطبيعة الحال هذا أمراً غير مستبعدا، لماذا لا تتخلى؟ اساسا الإمارات لا تراهن على طرف أو طرفين إلى الأبد ، هي تبحث عن الأفضل من الذي سيحقق لها غايتها ،فإن وجدت من هو أفضل من طارق والزبيدي فلن تتردد في تضحية بهم ودعم هذا الحليف، هذه سياسة الإمارات، سياسة تخدم مصالحها وما يناسبها فقط ولا تتعامل مع شيء آخر غير هذا المقصد والهدف. 
فإذا انحرف أحد الطرفين عن مسار الخارطة المرسومة في هذه الحالة لم تتردد الإمارات عن التخلي عنه، هي تريد حليفا أكثر إنضباطا وحنكة لا حليفا يثير الفوضى دولياً او اقليميا أو حتى على مستوى المنطقة التي يسيطر عليها، لأن السمعة الحسنة والجيدة شيء مهما لديها.

هذه النقطة هي المهمة من الحديث، علينا أن لاننسى دور السعودية في هذا التكتيك القادم في المتغيرات والخطة التالية، من يدري بالمصالح السياسية؟ ربما تتفق الامارات والسعودية على أن طارق هو الأنسب والأكثر إنضباطا ولديها شعبية كبيرة وسيخدم مصالحهم دون شغب أو فوضى، بالذات أن طارق رجلاً مع الوحدة اليمنية لا مع فك الإرتباط، عكس المجلس الإنتقالي الذي سيؤدي إلى صدام بطبيعته ويسبب لهما مشاكل وحرج إقليمي وداخلي ومن الممكن يفتح أبواب للصراع وعرقلة من تحقيق مصالحهما،
فتضحيه به لن يكون امراً مستحيلا، حتى بطارق نفسه إذا انحرف سيضحى به، هكذا هي المصلحة على حقيقتها، حتى وإن كان طارق كما قلنا هو الأكثر انضباطا من عيدورس فسيتم تقليص الدعم أو التخلي عنه تخلي كامل، وان وجدت الامارات ان كل من الحلفاء لايحقق هدفها ستنسحب بنفسها، لأن دعمها دون مكسب إقتصادي سيصبح عباء ثقيل عليها.